أ.د وليد خليل الزباري
تشهد دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية علاقة قوية واعتماد متبادل ووثيق بين قطاعات المياه والطاقة والغذاء، ربما أكثر من أي منطقة أخرى في العالم؛ فلإنتاج الغذاء محلياً للأعداد المتزايدة من السكان لا بد من توفير مزيد من المياه والطاقة، ولتوفير مياه نظيفة للاستهلاك الآدمي فأن ذلك يتطلب الطاقة، وإنتاج الطاقة يحتاج إلى المياه. وهذه العلاقات المتشابكة تزداد حدة في المنطقة مع الوقت بسبب زيادة الطلب على الموارد مع ازدياد عدد السكان، وتغير أنماط الاستهلاك، ويضاف إلى ذلك انخفاض الكفاءة الإدارية في جانبي الإمداد والطلب في هذه القطاعات الثلاثة، كما أنه من المتوقع أن تتفاقم هذه العلاقة بشكل اكبر بسبب تأثيرات ظاهرة تغير المناخ العالمي، حيث تعتبر المنطقة واحدة من أكثر مناطق العالم عرضة للتأثيرات الاقتصادية والبيئية المرتبطة بالتغيرات المناخية.
وبسبب هذا الاعتماد المتبادل الوثيق، فإن أي محاولة لتحقيق الأمن في أي من هذه القطاعات بطريقة مستقلة وبدون الأخذ في الاعتبار المقايضات مع القطاعين الآخرين ستؤدي حتماً لتعريض أمن الثلاث قطاعات للخطر. فمثلاً محاولة تحقيق الأمن الغذائي من خلال الإنتاج المحلي بدون الأخذ في الاعتبار محدودية الموارد المائية لن يؤدي إلى استنزاف الموارد المائية وتدهورها وخسارتها فحسب، بل كذلك إلى انخفاض الإنتاجية الزراعية وتدهور القطاع الزراعي نفسه في آخر الأمر، كما أن الاستمرار في التوسع في انتاج المياه المحلاة بالشكل المتسارع الحالي لتلبية الطلب على مياه الشرب بدون إعطاء كفاءة استخدام المياه الاهتمام الكافي سيؤدي إلى استنزاف الطاقة التي تمتلكها دول المجلس محلياً مما يمثل فرصاً ضائعة لهذا المورد الطبيعي.
ولذا، ولضمان استدامة هذه القطاعات الحيوية الثلاث لابد من إعادة النظر في الأسلوب الحالي المتبع في إدارتها والذي يغلب عليه النهج القطاعي، ولا بد أن تتراجع السياسات وعمليات اتخاذ القرار التقليدية مُفسحة المجال أمام أسلوب يقلل من المقايضات ويحشد نوعا من التآزر بين جميع القطاعات، والتوجه نحو التفكير والنهج الترابطي منهجاً عملياً ومتكاملاً للتعامل مع مخاطر إمدادات المياه والطاقة والغذاء في آنٍ واحد والمحافظة على استدامة الموارد، وبما معناه أن تحقيق أمن أي من هذه القطاعات يجب أن لا يكون على حساب القطاعين الآخرين، ولكن يمكن تحقيق الأمن في الثلاث قطاعات من خلال إنشاء التآزرات الذكية والمقايضات العادلة بينها. من شأن ذلك أن يتيح الفرصة للابتكار والتعلم لتقليل المخاطر الأمنية، وتعظيم الفرص وزيادة الإمكانيات، وتعزيز كفاءة استخدام الموارد، وتحقيق العدالة. كما أن هذا سيخدم دول المجلس في الانتقال نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة العالمية وتلبية متطلبات التحول نحو الاقتصاد منخفض الكربون كما تنص عليه اتفاقية باريس للعام 2015 حول تغير المناخ الذي صادقت عليها دول المجلس والتزمت بتخفيض انبعاثاتها الغازية.
ولإدماج نهج الترابط في تطوير وصياغة السياسات وتخطيط الموارد في هذه القطاعات الحيوية الثلاث لابد من توفر ثلاثة شروط:
(1) المعرفة التامة بالفرص والتحديات الكامنة في هذا الترابط.
(2) توفير الحوكمة اللازمة والإطار المؤسساتي المُمكن.
(3) بناء القدرات في مجال إدارة الترابط والأدوات المستخدمة لتحسين فهم القيمة المُضافة للتكامل.
للاطلاع على الدراسة كاملة يرجى النقر على الرابط التالي