تواجه صحيفة “ايتاليان انسايدر” معركة قضائية إثر دعوى قضائية رفعتها عليها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) في المحاكم الإيطالية بعد نشر الصحيفة لتحقيق صحافي حول فساد في هذه المنظمة. وأطلقت الصحيفة التي تصدر من روما قبل شهور حملة لجمع تبرعات لتغطية نفقات التقاضي الباهظة في هذه القضية التي لا ترى فيها الصحيفة سوى محاولة لإسكات أي صوت يعلو حول أي شكل من اشكال الفساد في المنظمات الدولية. طلبنا من رئيس تحرير الصحيفة ان يوضح هذه القضية وابعادها وخلفيات عن الصحيفة نفسها.
معركة حرية الصحافة في روما
جون فيليبس
انطلقت صحيفة “ايتالين انسايدر” في العام 2009 بمبادرة من صحافيين بريطانيين كان غالبهم يعمل مراسلا في العاصمة الإيطالية لصحف بريطانية واستاذ جامعي اسكتلندي متقاعد. الصحيفة مكرسة لتسليط الضوء على إيطاليا وشرح كافة جوانب الاقتصاد الإيطالي وتطوراته للمستثمرين المحتملين ورجال الأعمال والمجتمع الدبلوماسي عموماً. كما قمنا منذ انطلاق الصحيفة بتقديم تحقيقات استقصائية متخصصة لوكالات الأمم المتحدة التي تتخذ من إيطاليا مقرا لها، ونتيجة لذلك وجدنا أنفسنا بمواجهة قضية تشهير مرفوعة من قبل منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وهي دعاوى مكلفة جدا لنا وهي قضية نددت بها منظما ت حرية الصحافة مثل “مراسلون بلا حدود” معتبرة إياها محاولة لإغلاق صحيفتنا.
لقد بادرت مع مجموعة من الزملاء الى تأسيس الصحيفة بعد ان عملت لمدة 20 عاما مراسلا لوكالة يونايتد برس في منطقة الشرق الأوسط ثم مراسلا لصحيفة “تايمز اوف لندن” في إيطاليا لنحو 14 عاماً أخرى ا قبل ان نقوم بتأسيس صحيفة “ايتالين انسايدر” مع مجموعة من الزملاء الذين عملوا مراسلين في روما واستاذ جامعي متقاعد من اسكتلنداـ. لقد ركزت تغطياتنا أيضاً على دور إيطاليا كجسر بين دول الخليج العربية والبحر الأبيض المتوسط حيث نشرنا قبل سنوات وفق هذه المقاربة مقابلة مع سفير دولة الكويت في إيطاليا وقتها الشيخ علي الخالد الجابر الصباح.
كما نفخر أيضا بتغطياتنا الثقافية، فلقد قمنا على سبيل المثال بتغطية مشاركة فناني مملكة البحرين التشكيليين في بينالي البندقية إضافة الى متابعات مفصلة لتوقيع اتفاقات إبراهيم للسلام. ان إيطاليا تعد أيضا جسراً بين دول الخليج ودول الأوبك ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة التي تتخذ من روما مقرا لها بما في ذلك الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (ايفاد) ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي .
إن الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (ايفاد) يعد بنكاً انمائياً لصغار المزارعين وهو بنك تموله بشكل تقليدي منظمة البلدان المصدرة للنفط (اوبيك). لكن في العام 2010، كشفت تحقيقاتنا التي نشرناها في يناير/ كانون الأول 2011 ان رئيس هذا الصندوق كانايو نوانزي وهو من نيجيريا كان يعيش نمط حياة فاخر في فيلا في أبيا انتيكا مستأجرة بنحو 400 ألف يورو سنوياً. لقد اعادت مطبوعات عديدة في مختلف انحاء العالم نشر قصتنا عنه وحياته الباذخة من بينها مجلة ذي أيكونومست. لقد كان يتعين على السيد نوانزي ان يجد أماكن إقامة أكثر تواضعاً. بعد ذلك رفعت علي انا شخصياً بصفتي محرراً دعوى تشهير من قبل المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة خوسيه غرازيانو دا سيلفا في المحاكم الإيطالية بعد ان نشرنا تحقيقاً عن الإدارة المشكوك فيها في منظمة الأغذية والزراعة (فاو). يتهمنا دا سيلفا في دعواه بتشويه صورة احدى منظمات الأمم المتحدة. ولقد أدانت منظمة “مراسلون بلا حدود” المضايقات التي تتعرض لها صحيفتنا من قبل منظمة الأغذية والزراعة.
في العام 2019 حكم قاضٍ إيطالي ببراءتي من أخطر الاتهامات الموجهة ضدي على أساس ان التحقيق الذي نشرناه كان صحيحاً فيما أورده من حقائق، لكنه ادانني بتهم أخرى تتعلق بالقذف والتشهير. وبينما أمرت بدفع غرامة رمزية مقادرها 1000 يورو، تمت مطالبتي أيضا بدفع 60,000 يورو مقدماً هي تعويضات مدنية ومصروفات قانونية. وبعد استئناف الحكم، قضت محكمة الاستئناف العام الماضي بان ادفع أيضا 5,400 يورو إضافية مصروفات واتعاب قانونية ليصبح مجموع ما يتعين علي دفعه هو 65,000 يورو.
لقد قدمنا الآن استئنافًا في المحكمة العليا الإيطالية ونستأنف من خلال مؤسسة تمويل جماعي لتغطية التكاليف الباهظة لمعركتنا لحرية الصحافة. لقد كان تفاعل القراء والمهنئين أمراً يثلج الصدر، وعلى الرغم من أن إيطاليا لا تزال واحدة من الدول القليلة في أوروبا حيث لا يزال من الممكن إرسال الصحافيين إلى السجن بتهمة التشهير، يمكن القول إن جهود إسكات “ذا ايتاليان انسايدر” قد باءت بالفشل.
*جون فيليبس رئيس تحرير صحيفة ايتاليان انسايدر