مقايضة كريهة: الخصوصية أم المتعة على الانترنت؟ Previous item البنية المخفية... Next item ماذا وراء تكالب...

مقايضة كريهة: الخصوصية أم المتعة على الانترنت؟

الجدل حول تطبيق (FaceApp ) يجدد المخاوف من مزيج السياسة والأمن وانتهاك الخصوصية

 

جاسم آل رحمة*

من منّا لم ير الصور الجميلة والممتعة التي يخرجها تطبيق “FaceApp ” والذي إنتشر مؤخراً على نطاق واسع خصوصاً بعد استخدام الكثير من السياسيين والمشاهير له ونشرهم صورهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

غير أن هذه المتعة خلفت وراءها هواجس ومخاوف جدية تتعلق بأمن المعلومات والخصوصية، لكن هل يجدر بنا حقا أن نتجنب استخدام هذا التطبيق؟

للأسف فإن الإجابة على هذا السؤال لن تكون بسهولة (نعم) أو (لا). فجميع التطبيقات الموجودة على هواتفنا ونستخدمها بشكل يومي سلبت منا جزءاً كبيراً من الخصوصية وجعلتنا عراة في الفضاء الافتراضي. تطبيق  FaceAppلا يختلف كثيرا عن “انستغرام” ومرشحات (فلاتر)  “سناب تشات” و”المسنجر” وغيرها. علماً بأن هذا التطبيق ليس الأول من نوعه الذي يقوم بتعديل الصور والتنبؤ بشكل الإنسان في المستقبل، فقد ظهرت تطبيقات عديدة مشابهة أهمها “AgingBooth”، كما سبق اكتشاف الكثير من التطبيقات التي قد تكون خطراً على الخصوصية  مثل تطبيق KOHLS و BuyVia في الشراء الالكتروني و67% من تطبيقات السفر والسياحة وفقاً لتقرير نشرته مجلة “فوربس العالمية”.

لكن يبدو أن الخلافات السياسية لعبت دوراً في تأجيج تلك المخاوف حول تطبيق FaceAppp وذلك لأن الشركة المطورة للتطبيق وهي شركة Wireless Lab وهي شركة روسية استطاعت الحصول على مئات الملايين من البيانات والصور من مستخدمي التطبيق حول العالم وهو ما حدا ببعض النواب الأمريكيين الى مطالبة مكتب التحقيقات الفيدرالي الأسبوع الماضي بفتح تحقيق شامل على اعتبار أن التطبيق يشكل (خطرا على الأمن القومي الأمريكي وخصوصية الملايين من الأمريكيين). كما طالب الحزب الجمهوري رسمياً من جميع العاملين على حملات الانتخابات الأمريكية المقبلة حذف التطبيق (فوراً) من هواتفهم.

غير أن هذا التوتر وكونه يحمل طابعاً سياسياً، لا يعني البتة إعطاء صك البراءة للتطبيق واعتباره خالياً من المخاوف. فعلى الرغم أن الشركة المطورة لتطبيق “FaceApp ” تعهدت في سياسة الخصوصية، عدم مشاركة أو بيع الصور لطرف ثالث إلا أنها وضعت استثناءات عدة أهمها وأكثرها جدلية هو عندما تقوم هي بحذف البيانات الشخصية فعند ذلك يحق لها مشاركة الصور مع جهات أخرى وهو ما يعيد للأذهان فضيحة شركة (فيس بوك) مع (كامبريدج أناليتكا البريطانية) في مارس/آذار  2018.

ما الذي يحصل عليه من جهازك؟

السؤال المهم هنا: ما الذي يستطيع تطبيق “FaceApp ” الحصول عليه من جهازك؟

تقنياً،  فإن التطبيق يستطيع الحصول على كل الصور التي تختارها أنت للتعديل ولا دليل على أنه يستطيع الحصول على (جميع) الصور الأخرى من الألبوم، لكنه لا يقوم بتعديل الصور على نفس الجهاز بل يقوم برفعها على سيرفر خاص به لتعديلها هناك وهو ما يجعل بإمكانه أن يحتفظ بجميع تلك الصور لديه حتى وإن ذكرت سياسة الشركة أن جميع الصور يتم حذفها بعد 48 ساعة أو أن بإمكانك حذفها   قبل ذلك عبر إرسال بريد الكتروني للشركة. والخلاصة أن تطبيقFaceApp هو مثل غيره من التطبيقات يكسر حاجز الخصوصية لديك وعليك أنت أن تقرر أيهما أهم، خصوصيتك أو متعتك؟

*استشاري تقنية معلومات بحريني