حفيدة شيخ المتصوفة في البحرين: العالم يعيش عصر الروحانية Previous item روسيا تفوز "سياسياً"... Next item التصوف عربياً: تفكك بنيوي...

حفيدة شيخ المتصوفة في البحرين: العالم يعيش عصر الروحانية

 

أمل الصباح: تأمل “الريكي” قادني الى جلسات الذكر

 

السيدة  أمل محمد جابر الصباح،سيدة بحرينية يمكن أن تصادف آلاف مثلها في البحرين وباقي دول الخليج، خريجة تعليم حكومي وذات خلفيات مدنية بالدرجة الأولى وربة منزل. تحمل درجة الأستاذية في “الريكي” الذي تعلمته على مدى ثلاثة أعوام إلى ان أصبحت “ماستر” تقوم بتدريسه.

لكن الريكي ليس هو العلامة الفارقة للسيدة أمل الصباح، بل تنظيمها لحلقات ذكر صوفية تسميها “الذكر الحجازي” في منزلها. الى جانب الأجواء الروحية التي عاشتها السيدة أمل الصباح منذ طفولتها، ورغم انها حفيدة  “شيخ المتصوفة” في البحرين الراحل الشيخ محمد بن علي بن يعقوب الحجازي، إلا أنها تشير في هذا الحوار معها الى أنها انجذبت للتصوف وحلقات الذكر عبر التـأمل الذي تمارسه عبر الريكي. فيما يلي نص حوارنا مع السيدة أمل الصباح:

 

1- ما الذي يجذبك نحو الصوفية؟ التقاليد العائلية وميراث جدك الشيخ الحجازي ام قراءات ام ماذا بالضبط؟ 

منذ الصغر دائماً يتناهى الى اسماعي ذكر الله و قراءة القران و التسبيح و غيرها من الطرق الروحانية العميقة والجميلة. فوالدتي هي فاطمة بنت الشيخ محمد الحجازي في ذكر دائم لا تنتهي من ختمة للقران الا و ابتدأت بأخرى وجل حديثها عن الرسول العظيم محمد صلى الله عليه و سلم فهو قدوتها وحبيبها. جدتي لوالدتي رحمها الله شيخة بنت احمد سيادي كانت امرأة قوية وعصامية، كانت معلمة للقرآن (مطوعة) تدرس الأطفال القرآن. وكانت تكلمني دائما عن الإنفاق في سبيل الله و مساعدة الفقراء.  وجدي لوالدتي الشيخ محمد بن علي بن يعقوب الحجازي رحمه الله، شيخ المتصوفين في البحرين، كان يقيم حلقات الذكر على “الطريقة النقشبندية” في المسجد والمنزل وله طلبته ومريديه.  في مثل هذا الجو من الورع وحب الله عز وجل و رسوله الكريم سيدنا محمد صل الله عليه و سلم كبرت، أعتقد بأن الجو الذي تربيت فيه هو ما جذبني الى الصوفية. تعزز ذلك بتجربتي الشخصية عندما التزمت بقراءة القرآن الكريم والأوراد وإقامة جلسات الذكر الحجازي حيث وجدت في ذلك كله ما يعزز السلام الروحي و الهدوء النفسي الذي يعين على المضي في الحياة باطمئنان و أيضا يعين على تخطي عقبات الحياة بإيمان و يقين و توكل على الله، انه طريق تسمو فيه النفس و تستكين.


2– ما الذي يدفعك لإقامة حلقات الذكر والإنشاد؟ هل لك ان تشرحي لنا أكثر؟ 

بداية أودّ ان اتحدث عن رحلتي مع العلاج بالطاقة “الريكي” والذي بدأته سنة 2005، حيث تدربت على يد أستاذة الريكي القديرة الدكتورة منيرة الفاضل، و التي ادين لها بالكثير، بعد الله سبحانه و تعالى.

بدأت التأمل ووجدت فيه ما أبحث عنه من هدوء و سكينة وأصبح “موعدي مع ذاتي” موعداً  مقدساً أحاول ان التزم به بشكل يومي.  بدأت أشعر بالإنعكاس الإيجابي للتأمل على امور حياتي المختلفة وكذلك شعرت بتركيز و خشوع في الصلاة لم أستشعره من قبل، و منها ابتدأت في الإلتزام بقراءة بعض الأوراد القرآنية وبشكل يومي. وجدت فيها من الراحة و العمق والهدوء ما شجعني على الاستمرار.  وفي عام  2008حصلت على شهادة “ريكي ماستر” والتي تؤهلني بجانب تقديم الجلسات العلاجية، تدريس الريكي.  واصلت الالتزام بالتأملات والأوراد القرآنية، ومنها بدأت في إقامة حلقات الذكر تحديدا من ذلك العام و هي “الطريقة الحجازية الكبرى” حيث أقيمها بمعدل مرتين في الشهر ويحضرها عدد من الصديقات.

في حلقات الذكر الحجازي لا يوجد إنشاد و إنما نبدأ بقراءة اسماء الله الحسنى و نقرأ بعضاً من سُوَر و آيَات القرآن الكريم وهذه المقدمة تهيئة لمن في مجلس الذكر للبدء في قراءة الأوراد و تكرارها والذي ينعكس في الوصول الى حاله من السلام الداخلي و الهدوء.  ينعكس ذلك كله إيجابيا على نوعية الفكر و طريقة الحياة والجانب الأهم  في حلقات الذكر هو  ذكر الله عز و جل والتقرب إليه سبحانه و الصلاة والسلام على رسول الله محمد صل الله عليه و سلم.  في الواقع هو إستشعار قلبي ولكل إنسان طريقه وتجربته الخاصة.  وعادة ننهي الحلقة بالدعاء للحضور ولجميع البشر والمخلوقات في الكون العظيم بأن ينتشر الحب والسلام والتسامح على الارض وبين البشر و هذه هي الأسس العميقة لديننا العظيم.

أستطيع أن أوجز بأن الإلتزام بالتأمل هو الذي قادني الى البدء في قراءة القران الكريم و الأوراد ومن ثم إقامة مجالس الذكر الحجازي، و ذلك كله أصبح بالنسبة لي طريق حياة.


3هناك نزوع نحو الصوفية في السنوات الأخيرة في أوساط المتعلمين والمثقفين ذوي الخلفيات المدنية في البحرين بشكل عام. ما هي أسباب هذه التوجهات برأيك؟

نحن نعيش في عصر ممكن ان نطلق عليه “عصر الروحانية”، فهناك توجه، في كل العالم وليس في البحرين فقط، ومن جميع الفئات الى الروحانية.   في جميع بلاد العالم هناك حلقات وتجمعات للذكر و التأمل كلها تصب في نشر السلام والحب والنور بين الناس وعلى الارض، ونشر الوعي بطرق السلام والحب و أهميتها. و أيضا هناك  توجه الى العلاجات المكملة، والتي تصل   بالأشخاص الى صحة متكاملة جسدياً و نفسياً، هذا التوازن في الصحة و الذي إستشعره من دخل التجربة والتزم بها هو ما يشجع على الإستمرارية.  أيضا هناك إهتمام من باحثين في العالم بالتوجه الروحاني يقومون بتسجيل التجارب وانعكاساتها، وإثباتها بالطرق العلمية و ظهرت الكثير من الأبحاث تثبت جدواها علميا، وبدأت الفجوة بين الروحانية والعلم في التضاؤل.

اما بالنسبة الى نزوع المتعلمين والمثقفين نحو الصوفية في اعتقادي بأن السبب يكمن في أن الانسان المتعلم والمثقف هو إنسان متفتح لا يضع العراقيل أو المعوقات أمام تطوره الفكري برفض شيء معين او ان يضع نفسه في إطار محدود من التفكير. كذلك أعتقد بأن المثقفين فيهم من شفافية النفس والنزوع الى السلام والهدوء ومن طبيعتهم القراءة والاطلاع وإستنباط القناعات من القراءة و الإطلاع مَن التجربة الشخصية. هذا الاطلاع يصل بالمثقف الى الاقتناع بخوض التجربة، وعندما تبدأ تجربة الذكر هنا يبدأ الذاكرون الإستشعار بالبركة والهدوء و السعادة.  فالطبيعة الروحانية لجلسات الذكر هي التي تجعل من جميع من يرتادها الالتزام بها والحرص على حضورها.  مثل هذه الجلسات تضفي هدوءاً على النفس ويستشعر مرتاديها التقرب الى الله عز و جل وحبه والذي ينعكس حباً غير مشروط للجميع.  هناك عمق روحي واستشعار قلبي أكبر من ان يعبر عنه بالكلمات.   اعتقد  أيضاً بان المثقفين بشر لا يستطيعون تجاهل هموم وآلام الناس او ان ينسلخوا عنها، بالإضافة الى أن الحياة التي أصبحت معقدة ومتعبة جعلت تدفع المثقفين والمتعلمين الى التصوف حيث يجدونه متنفساً وملجأً لراحة النفس وهدوء الفكر  والوصول الى العمق والسلام الروحي.