اظهرت ورقة بحثية حول تغطية وسائل اعلام فلسطينية وعربية للحالة الصحية للرئيس الفلسطيني محمود عباس “ابومازن” تفاوتاً في المتابعة الاعلامية للمواقع الالكترونية للوضع الصحي للرئيس، وميلا للإعتماد على المصادر الاسرائيلية في تغطية الحالة او مصادر غير معرفة.
وتوصلت الدراسة التي أجراها الصحافي الفلسطيني كايد ميعاري باشراف المحاضر في جامعة بيرزيت صالح مشارقة وتنشرها المدونة بالتزامن مع مركز شاهد لحقوق المواطن والتنمية المجتمعية في رام الله، ان الاعلام الرسمي الفلسطيني لم يوفق في توضيح ماهية الحالة الصحية للرئيس من منظور طبي والاكتفاء بسرد التطمينات، اضافة الى تفضيل المصادر الرسمية الفلسطينية، وقادة رأي عام الحديث للإعلام الاسرائيلي عوضا عن المحلي.
فقد نقلت صحيفة “يديعوت احرنوت” الإسرائيلية عن مصدر فلسطيني وصفته بالمطلع أن الرئيس مصاب بحمى والتهاب رئوي في 20 مايو 2018 أي قبل نشر هذه المعلومات عبر المواقع الالكترونية المحلية، او العربية.
وفي السياق ذاته، استندت بعض المواقع الالكترونية المحلية على المصادر الإسرائيلية بشكل مبالغ فيه عند متابعتها للوضع الصحي للرئيس. علما، ان المصادر الإسرائيلية كانت حاضرة في غالبية المواقع باستثناء وكالة “وفا” بصفتها الممثلة عن الاعلام الرسمي الفلسطيني، وموقع “العربي الجديد”.
وتعاملت المواقع الالكترونية القريبة من حركة حماس (موقع فضائية القدس) مع القضية على انها شان داخلي فتحاوي، ولم تمنح الوضع الصحي للرئيس سوى مساحة هامشية، وفي غالبها اعتمدت على مصادر إسرائيلية. اما فيما يتعلق بالمواقع المقربة من القيادي السابق في حركة فتح محمد دحلان (موقع امد الإعلامي) فقد اهتم بالوضع الصحي للرئيس ضمن سياق البحث عن الخليفة، ووضع الازمة الصحية للرئيس هذا المرة ضمن سياق معلومات سابقة عن إصابة الرئيس بالسرطان.
وفي سياق اخر، اظهرت الدراسة، محدودية لدى المواقع الالكترونية المستقلة في الوصول الى مصادر المعلومات سواء الرسمية او الخاصة مما دفعها في كثير من الأحيان للاعتماد على المصادر الإسرائيلية او وكالة (وفا)، او نشر مقالات رأي.
اما فيما يتعلق بالإعلام العربي (موقع العربي الجديد) فقد حرص على متابعة الوضع الصحي للرئيس، وكان قادرا على ايراد مجموعة من المعلومات حول وضع الرئيس صحيا وماهية المضاعفات التي المت به. مع الإشارة، الى ان مضمون مواد العربي الجديد لم تخلو أيضا من بعض الدلالات المتعلقة باسم قيادات بقيت قرب الرئيس، إضافة الى اعتمادها بشكل كبير على مصادر غير معروفة.
وأشار ميعاري في دراسته على أن هذه الدراسة تهدف الى أولا الى التعرف على اتجاهات المواقع الالكترونية خلال تغطيتها للوضع الصحي للرئيس محمود عباس. ثانيا: توفير تغذية راجعة للمواقع الالكترونية تمكنها من اخذ التوصيات والملاحظات بعين الاعتبار مستقبلا . ثالثا، مساعدة صانع القرار الفلسطيني على تقييم اداءه وتعاطيه في إدارة أزمات مشابهة مستقبلا. رابعا واخيرا، تعزيز نهج القراءة الناقدة لوسائل الاعلام الالكترونية، وتشجيع القارئ على التمحيص بها.
مجتمع الورقة الدراسية
تبحث الدراسة في أداء مواقع إعلامية الكترونية في تغطية الوضع الصحي للرئيس محمود عباس في الفترة الواقعة بين 15 و22 مايو 2018. وتركز على تحليل أداء الاعلام الرسمي ممثلا بوكالة الانباء والمعلومات الرسمية (وفا)، والاعلام الخاص ممثلا بموقع “صحيفة الحدث” و”وكالة معا” الإخبارية، والمواقع النقيضة ممثلا بموقع “فضائية القدس”، وموقع “العربي الجديد”، وموقع “امد” الإعلامي.
وقد اعتمدت الدارسة على تحليل مضمون المواد الإعلامية المنشورة حول حالة الرئيس وتحليلها استنادا الى المعايير التالية:
(اولا): عدد المواد المنشورة
(ثانياً): المصادر
(ثالثاً): المصطلحات المستخدمة
إضافة الى عقد لقاءات مركزة مع ثلاثة باحثين اعلاميين، إضافة الى لقاءين مع محررين في المواقع المشار اليها.
اعتماد متزايد على الاعلام الاسرائيلي
ولقد توصلت الدراسة الى نتائج عدة ابرزها ان الاطار الرسمي فضل التصريح حول حالة الرئيس للوسائل الاعلامية الاسرائيلية في الغالب اضافة الى أن عدم توفير معلومات وافية – سواء من مصادر طبية او سياسية – وكاملة للإعلام فتح المجال امام الاجتهادات وبث الشائعات.
كما ان تأخر المؤسسة الرسمية في الإعلان عن تفاصيل وماهية المضاعفات التي المت بالرئيس زادت من الغموض حول صحته.
وارتكزت غالبية المواقع الالكترونية على المصادر الإسرائيلية في متابعتها لمرض الرئيس عباس خبريا وتحليليا.
وعكست الازمات الداخلية الفلسطينية نفسها على أداء المواقع الالكترونية، ففي حين منح موقع فضائية القدس المقربة من حركة حماس مساحة هامشية لمرض الرئيس، اهتم بها موقع امد اعلامي المقرب من محمد دحلان في سياق البحث عن خليفة.
وخصلت ايضا الى ان ندرة التحليلات الفلسطينية حول النظام السياسي الفلسطيني، ومستقبل تداول السلطة، زاد مخاوف الجمهور الفلسطيني من المستقبل وعزز حالة الارباك.
اما بالنسبة للاعلام الاسرائيلي، فقد ركز على الوضع الصحي للرئيس من منظور تحليل سيناريوهات الخلافة، وعدم وضوح المستقبل.
وخصلت الدراسة الى عدة توصيات اهمها “تعزيز قدرة وسائل الاعلام الفلسطينية على انتاج قراءات تحليلية موضوعية”، تسهم في توضيح أسس النظام السياسي الفلسطيني، والافاق المتوافرة في حال وقوع أي ازمة، ورفع مستوى الوعي لدى القارئ.
كما اوصت بالعمل مع صانعي القرار لمنح الصحافة الفلسطينية والعربية أولوية على الاعلام الإسرائيلي في مثل هذه القضايا وتقليص الشائعات، وتضارب المعلومات الذي يخلق ارباكا في الراي العام من خلال نشر الاعلام الرسمي معلومات شاملة طبيا وتحديثها بشكل دوري.
كما اوصت الدراسة بالعمل على تقليص اعتماد الاعلام الفلسطيني على المصادر الإسرائيلية وتوضيح ماهية المواد التي يمكن نشرها عبر المواقع الالكترونية الفلسطينية ذات المصدر الإسرائيلي، وفي أي حالات.
لقراءة الورقة كاملة وتنزيلها:
كايد ميعاري، صحافي فلسطيني، يدير وكالة بوابة اقتصاد فلسطين، ومن مؤسسي مركز شاهد لحقوق المواطن والتنمية المجتمعية الذي تعنى بحقوق المواطن وتطوير القراءة الناقدة لوسائل الاعلام.
صالح مشارقة، صحافي فلسطيني، يعمل محررا في جريدة الحياة، إضافة الى عمله محاضراً في جامعة بيرزيت. له اسهامات بحثية في الصحافة والاعلام وخاصة في مجال الاخلاقيات الإعلامية.