النار والغضب في بيت ترامب الأبيض: المحيطين بترامب Previous item سيرغي لافروف.. "السيد لا"... Next item النار والغضب داخل بيت...

النار والغضب في بيت ترامب الأبيض: المحيطين بترامب

ترامب في نظر المحيطين به: “غبي مقرف”

سمية آدم عيسى*

وصف المؤلف بانون كبير الاستراتيجيين بأنه لا يستخدم كمبيوتر وأنه ليست لديه خبرة سياسية، وأنه وزع كتابا عن كيفية العمل بالبيض الأبيض ولم يقرأه غير كوشنر. وبعد إصدار ترامب لأمره التنفيذي المتعلق بالهجرة، دعا الرئيس الأمريكي في تاسع يوم لرئاسته سكاربورو وزميلته ميكا بريجنسكى (إبنة مستشار الأمن القومى الأمريكى الأسبق زبجينيو بريجنسكى)، لتناول الغداء في البيت الأبيض. وكان ترامب ضيفا دائما في برنامجهما (مورنينج جو). ولكنه هاجمهما لاحقا، وغرد ترامب: “في بعض الأيام، عندما تهدأ الأمور، سأقول قصة حقيقية عن جوينبك وصديقته المجنونة البليدة، مورنينغ ميكا. اثنين من المهرجين! وقال إنها كانت تنزف بشدة بسبب عملية تجميل لوجهها عندما زارت أحد منتجعاته خلال عطلة رأس السنة. كما وصف سكاربورو بـالمعتوه.
أفرد المؤلف أيضا مساحة كبيرة للحديث إيفانكا ترامب، وزوجها كوشنر، والنفوذ الكبير الذي يحظيان به في البيت الأبيض وذلك في فصل تحت عنوان «جارفانكا»، وهو المصطلح الذي صاغه بانون. وكانت ايفانكا تطمح للترشح مستقبلا لتكون الرئيسة الأولى للولايات المتحدة. ويشير وولف إلى أن «ترامب نفسه شجع صهره وابنته في طموحاتهما، وحينما زادت وتيرة حماسهما، أبدى انزعاجه وأخذ يتضجر منهما علنا.
وذكر وولف أن الرئيس الأمريكي كلف كوشنر بملف الشرق الأوسط، مما جعله أحد اللاعبين الدوليين البارزين في العالم، كما امتد هذا الدور في الأسابيع الأولى لحكم ترامب، إلى كل قضية دولية أخرى تقريبا حتى وإن كان ليس لديه عنها أي خلفية مسبقة. ذكر الكاتب أن ترامب كان يقضي يومه من مكالمة هاتفية لمكالمة هاتفية أخرى وكان يتأثر بآخر من يتحدث إليه. وفي الحقيقة كان لا يصغي لأي شخص. ولا يركز فيما يقول (لهذا كان كثير التكرار). أضاف المؤلف أن ايفانكا وكوشنر فضلا البقاء في البيت الأبيض للتأثير على ترامب. وأن ترامب كان يحب أن يكون مركز الاهتمام يوزع المناصب والقوة التي يمكن أن يسحبهما في أي وقت.

 

صهر الرئيس

ويضيف المؤلف أنه بالمقابل كان لدى ترامب الحماس والسرعة والعفوية: إذا كنت على استعداد لخطر الإذلال، فإن العالم يمكن أن يكون لك. بالنسبة لكوشنر وترامب فإن التسلق الاجتماعي هو شغلهم الشاغل. تركيز جاريد كوشنر هو على الرجال الأكبر سنا. جلس مع مردوخ وقتا طويلا لمحاولة فهم الاعلام الذي كان يود الدخول فيه. اشترى كوشنر صحيفة (نيويورك اوبزيرفر) التي تأسست في 1987 وكانت تعكس حلم ورفاهية الرجل الغنى وكانت تغطي من بين ما تغطي أخبار ترامب. شراء الصحيفة التي كانت تغطي أخبار ترامب في 2006 مكنه من لقاء ايفانكا. يذكر المؤلف أيضا ان ترامب استفاد من سمعته في الاعلام بعد ان تخلى عنه ليعد برنامجا خاصا به اسماه “ذا ابرينتس” في هوليود اكسبه شهرة. سعى كوشنر لدعوة الرئيس المكسيكي في محاولة لإصلاح ما افسده ترامب بتصريحه عن الجدار. وكان كوشنر يرغب في تحويل تصريحات الجدار الى اتفاقية مشتركة عن الهجرة. وكان الوفد المكسيكي هو أول وفد يزور البيت الابيض في عهد ترامب، كانت رسالة كوشنر إلى ترامب هي أن بينيا نييتو رئيس المكسيك قد وافق على اجتماع البيت الأبيض، ويمكن التخطيط لتمضي الزيارة قدما. لكن في اليوم التالي، غرد ترامب: “الولايات المتحدة لديها عجز تجاري قدره 60 مليار دولار مع المكسيك. لقد كانت صفقة من جانب واحد من بداية نافتا [الاشارة الى اتفاقية التجارة الحرة بين كندا والولايات المتحدة والمكسيك] وفقدنا عدداً هائلاً من الوظائف والشركات. وإذا كانت المكسيك غير راغبة في دفع ثمن الجدار الذي نحن في أمس الحاجة إليه، فمن الأفضل إلغاء الاجتماع القادم”. وهو ما فعله رئيس المكسيك تاركا كوشنر في حيرة من أمره.
وقال وولف ان أن كوشنر لا يعرف اسم المدرسة التي انتقل اليها أبناؤه وأن ايفانكا هي المسؤولة عن الأسرة وأن علاقة ايفانكا بابيها تجارية. سعت ايفانكا لتعيين دينا باول الشخصية الجمهورية والمسئولة التنفيذية بمصرف جولدمان ساكس. يمضي المؤلف ليشير إلى أن ترامب أمعن في تصرفاته الهوجاء ولم يتغير بعد أن أصبح رئيسا. يبدأ الصباح بتغريدات. ولا يتبع النص المكتوب ويمضي المساء في مكالمات هاتفية مطولة لأصدقائه يشرح قراراته التي تختلف عن الاخرين.
اورد وولف أيضا مقارنة بين منزل ترامب فى البرج الذي يحمل اسمه بنيويورك والبيت الأبيض، والذى يضم أيضا مكتبه الذى يحوى مرايا مرصعة بالذهب، بينما تنتشر الصراصير والحشرات والفئران في البيت الأبيض.
كشف المؤلف أيضا أن ترامب تصادم مع القيود والإجراءات المتبعة في البيت الأبيض، مشيرا إلى أنه وبخ الخدم لالتقاط قميصه من الأرض: قائلا «إذا كان قميصي على الأرض، فذلك لأنني أريده هكذا”.

 

الطعام من ماكدونالدز خوفا من التسميم

وذكر أن ترامب كان يأكل من ماكونالدز خوفا من تسميمه. نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريرا، تطرقت فيه إلى الحياة داخل البيت الأبيض، وأن ترامب يشاهد التلفزيون وهو يرتدي روب الحمام. وخلال ال48 ساعة بعد نشر المقال كان ترامب يتصل بأصدقائه ويقول انه لا يملك روب حمام أصلا. قال ترامب أن الاعلام يأخذ كل شيء ويضخمه حتى مبالغاته فإن الاعلام يضخمها.
من الواضح أن ترامب كان يتلاعب بالاعلام حيث يشير وولف الى أن ترامب كان يقوم بنفسه بالتعامل مع الاعلام تاركا السكرتير الصحفي بلا عمل، وأن بانون وكوشنر وباربيس يؤدون تقريبا نفس العمل الذي يؤديه ترامب بالنيابة عنهم ولا يعطي فرصة لأي شخص. وذكر المؤلف أيضا أن ترامب لا يقرأ أو يقرأ العناوين التي تخصه فقط. البعض اعتقد انه يعاني من عسر القراءة. وأن فهمه محدود ويعتمد على التلفاز كما انه لا يصغي لمستمعيه لأن لديه فترة تركيز محدودة ويتصرف وفقا لحدسه ولكنه واثق من نفسه ونشيط وفي حركة دائمة. كانت واحدة من الطرق لمعرفة ما يريده ترامب وأين يقف وما هي نوايا سياسته الكامنة كانت – تحليل تغريداته. ومع انتهاء الأسبوع الثاني وبعد اصدار أمر منع السفر اخذ الثلاثة بانون وبريبوس وراين يتشاجرون بشكل واضح بسبب عدم تنظيم الأدوار. وكان أي أمر تتلقاه كاتي وولش من شخص يلغيه الآخر في الحال. وبالتالي لجأ كل منهما للإعلام يسرب ما يحلو له. وكان ترامب يشتكي لاصدقائه منهم جميعا.
تطرق المؤلف ايضا الى موضوع إسرائيل وكيف أن ترامب كلف صهره كوشنر لأنه يهودي بهذا الملف. كوشنر اتهم بانون بانه معادي للسامية وبانون اتهم كوشنر بأنه لم يفعل ما بوسعه حيال إسرائيل. تم تعيين جاري كوهن رئيس جولدمان ساكس سابقا ليرأس إدارة المجلس الاقتصادي الوطني. يشير المؤلف أن كوشنر وايفانكا وجاري ودينا كانوا متفقين ضد بانون.
مرة أخرى برز موضوع العلاقة مع الروس، حيث تم ربط ثلاثة اشخاص في ادارة ترامب – مستشار الامن القومى السابق، والمدعي العام الحالي، والمستشار الرئيسى للرئيس، وصهره مباشرة بدبلوماسي روسي. وكانت تغريدته بأن إدارة أوباما تجسست على برجه الأكثر اثارة للسخرية لأنه لم يتحر عن دقتها. والتي نفاها كبار مسؤولي المخابرات. وأضاف المؤلف أن اتخاذ قرار بين السياسات المتناقضة ليس من أساليب ترامب في القيادة. بل أن ترامب يأمل ببساطة أن تصنع القرارات الصعبة نفسها بنفسها.
استقال عدد من مستشاري ترامب تباعا بعد فضيحة الكذب في اتصالات مع روسيا ومناقشة موضوع العقوبات الأمريكية مع السفير الروسي في الولايات المتحدة قبيل تولي ترامب مهام الرئاسة.
في 27 مارس تم انشاء مكتب الابتكار الأمريكي الجديد التابع للبيت الأبيض بهدف الاستفادة من أفكار قطاع الأعمال. وكان كوشنر رئيسه. وبعد يومين من تعيين كوشنر تم تعيين ايفانكا مستشارة للبيت الأبيض. قال جاري كوهين بعد تعيينه كبير الاقتصاديين في البيت الأبيض في بريد الكتروني تم تداوله على نطاق واسع: “الوضع أسوأ مما تتخيل. احمق محاط بالمهرجين. ترامب لا يقرأ أي شيء. انه يخرج في منتصف الاجتماعات مع قادة العالم لأنه يشعر بالملل. وموظفيه ليسوا أفضل منه. كوشنر هو الطفل الذي لا يعرف شيئا.. ترامب ليس بني آدم بل مجموعة من الصفات الرهيبة. لا أحد سوف يستطيع البقاء سنة بخلاف عائلته. أكره العمل، أنا في حالة من الصدمة والرعب. تمت تنحية بانون بعد يوم من الهجوم الأمريكي في سوريا لأنه كان معارضا لتحرك امريكي ضد الاسد. ايفانكا وباول اقنعتا الرئيس بالرد على الهجوم الكيميائي”. مرة أخرى يعود المؤلف على لسان أحد أصدقاء ترامب ليصفه بأنه يفكر بعاطفته وليس استراتيجيا. وكان يرى الشهرة أهم شيء وأن اهم ما في كونه رئيس هو كونه مشهورا. وكان الاعلام بالنسبة له يمثل القوة وهو أهم بالنسبة له من السياسة كما وكان يستميت للحصول على اهتمام واحترام رجالات الصحافة. وكان لا يرى هجوم الاعلام عليه كمعارضة سياسية بل يراه هجوما شخصيا. ويرى الكاتب ان ترامب بالرغم من انه يبدو كارها للنساء الا أنه في مكان العمل يحب توظيف النساء أكثر من الرجال.
ذكر المؤلف أن ترامب يرى الشرق الوسط يتكون من 4 لاعبين هم؛ ايران وإسرائيل ومصر والسعودية وان الثلاثة يمكن ان يتحدوا ضد ايران وانه يمكن ابرام صفقة فلسطينية سيرضى الفلسطينيون بها بحيث لا تتعارض مع مصالح أمريكا. وان إدارة ترامب تعتقد ان الإدارات الثلاثة الأخيرة تصرفت على نحو خاطئ وبالتالي فإن تفكيره الوحيد هو أن يتصرف عكسهم. لا ضرورة للتبحر فيما عملوه، يكفي أن يكون مختلفا بدون قراءة لمجريات الاحداث. كان كوشنر هو القوة المحركة للترامبية، وكان حقل تجاربه هي كندا والصين والمكسيك والسعودية. اعطى كل دولة الفرصة التي تجعل ترامب سعيدا.

 

تهديد كوريا الشمالية رغم نصائح التهدئة

وفي موضوع كوريا الشمالية قال الرئيس فجأة في تغريدة “على كوريا الشمالية الا تقوم بتهديد الولايات المتحدة. عليها أن تلزم حدودها لأننا سنواجهها بالغضب والنار وسنواجهها بالقوة كما لم يشهد العالم من قبل”. جاء هذا بالرغم من توصية مستشاريه بأن عليه أن يهدي اللعب مع كوريا الشمالية. يشير الكتاب أيضا إلى خلافات بين وزير الخارجية ريكس تيلرسون، مع الرئيس ويقال أنه وصف الرئيس “بالأحمق السخيف”. بالنسبة لستيف منوشن ورينس بريبوس، كان الرئيس “أحمقا”. بالنسبة ل جاري كوهن، كان الرئيس “غبي مقرف”. بالنسبة إلى ر. ماكماستر كان “اراجوز”. وفي المقابل، كان الرئيس يكيل المزيد من الشتائم لجاري كوهن – الرئيس السابق لجولدمان ساكس واصفا اياه الآن بانه”أحمق كامل، أكثر من البكم”. في الواقع، توقف الرئيس أيضا عن الدفاع عن عائلته، وتساءل عن متى سيغادرون. وبعد أن طرد غالبية موظفيه أصبحت هوب هيكس، في الثامنة والعشرين، وستيفن ميلر، اثنين وثلاثين، وكلاهما قد بدأ كمتدربين في الحملة، من بين كبار موظفي البيت الأبيض. وكانت هيكس قد تولى قيادة عملية الاتصالات، وقد حل ميلر محل بانون كخبير استراتيجي سياسي”.
وأخذ ستيف بانون يقول للناس انه يعتقد ان هناك فرصة 33.3 في المئة ان يؤدي التحقيق مع ميلر الى اتهام الرئيس، وفرصة 33.3 في المئة أن يستقيل ترامب، ونسبة 33.3 في المئة ان يستمر الى نهاية ولايته. وعلى أية حال، لن تكون هناك بالتأكيد ولاية ثانية، أو حتى محاولة واحدة. وفي الخفاء كان بانون يقول للناس شيئا آخراً: أنه هو، ستيف بانون، سيرشح نفسه للرئاسة في عام 2020.

 

 

 

 

سمية آدم عيسى باحثة سودانية تعمل في مركز دبي لبحوث السياسات العامة (بحوث). تنشر هذه المقالة متزامنة وبالتنسيق مع المركز.

 

 

 

الكتاب: النار والغضب في بيت ترامب الأبيض.
المؤلف: مايكل وولف، صحافي اميركي صدرت له عدة كتب.
الناشر: دار هنري هولت، 336 صفحة.
تاريخ النشر: 5 يناير 2018.