النجار: الحداثة تحدٍ لا يمكن الهروب منه للماضي أو بتفجير الحاضر Previous item ايران: متاعب الاقتصاد... Next item المُعاق الشاب علي.. ملاك...

النجار: الحداثة تحدٍ لا يمكن الهروب منه للماضي أو بتفجير الحاضر

صدر حديثا للباحث البحريني الدكتور باقر النجار أستاذ علم الاجتماع في جامعة البحرين، كتاب جديد هو “الحداثة الممتنعة في مجتمعات الخليج العربي” عن دار الساقي في بيروت.  حول هذا الكتاب الذي سيطرح في معرض البحرين للكتاب بعد ايام، طرحنا سؤالا على النجار عن مضمون هذا الكتاب وموضوعه وهو ما يوضحه في السطور التالية:

 

باقر النجار*

إخترت لهذا الكتاب عنواناً حمل أسم “الحداثة الممتنعة في مجتمعات الخليج العربي” فهي ممتنعة ليس نتيجة لخصوصية المنطقة الثقافية أو الاجتماعية أو السياسية كما يقول البعض، أنما هي ممتنعة نتيجة لأن التغيير و التحديث لا يرتبط فحسب بالمجسمات المادية القائمة و إنما في جوانبها اللامادية وهي عناصر باتت على درجة كبيرة من ممانعة  للتغير أو التغيير، لكون بعض عناصرها القيمية ذات أرتباط شديد التعقيد بمركب القوة القائم الذي لا تأتي تغيرات عناصره سريعا أو أنها قد لا تأتي إلا بعد عقود من الزمان أو أكثر، أو أنها قد لا تأتي.

كما أنها ممتنعة  نتيجة لأن الحداثة لها شروط سياسية و ثقافية و اجتماعية قبل أن تكون إقتصادية. وهي شروط نتيجة لممانعات الداخل و جماعاته و ممانعات الخارج  و قواه الفاعلة قد أصبحت ممتنعة أو متلكئة التشكل في المجتمع و شبكة علاقاته غير الاقتصادية. وهو تلكوء سنحمل جزءا من مصاحباته لسنوات إن لم يكن لعقود قادمة، لتجعل من صعودنا نحو الحداثة ممكنا و لكن  ضمن شروط فيها قدر كبير من التشوه أو أنها حداثة قد تقود إلى صراعات بين قوى الداخل على أهدافها أو مع قوى الخارج في مساراتها و في قدرتها على أن تشكل نموذجا قادرا على التوالد و الحياة.

فالحداثة  إن هي إلا عملية كلية، بل أنها ضرورة سياسية و اجتماعية و ثقافية و دينية قبل أن تكون ضرورة إقتصادية. و ما الصعود الآسيوي في كوريا الجنوبية و ماليزيا و سنغفورة و الصين و قبلهما اليابان إلا نتيجة لهذا الأستواء الكلي في عملياتها. و ما التلكوء و الخيبات التي جاءت على المنطقة العربية في عمومها إلا نتيجة لهذه الإنتقائية غير المتوازنة التي جاءت على عملياتها أو الخوف من نتائجها أو محاولة منع حدوث بعضها.

أنه تحدٍ لا يمكن الهروب منه إلى الماضي أو بتفجير الحاضر، بل في الولوج فيه وتحمل تبعاتها و الصبر على نتائجها و إن جاءت في غير صالح البعض أو جماعاته الضيقة أو الآنية. بمعنى آخر أن الحداثة إن هي إلا عملية كلية لا نستطيع أن نختار منها  الجزئية التي تريحنا دون جزئياتها الأخرى أو أن نمشي في مسارها الاقتصادي دون المسارات السياسية و الاجتماعية و الثقافية الأخرى، التي بهما تكتمل عملية الحداثة و دونهما تتلكؤ عملياتها أو تتشوه.

يقع الكتاب في سبعة أبواب و حوالي سبعة عشرة فصلا و مقدمة تناقش قضايا مختلفة  لعلاقة الحداثة بالمجتمع في الخليج العربي وهو عمل استغرق بعض الوقت لإنجازه و أعادة كتابة بعض فصوله بل و التفكير في بعضها الآخر الجديد.

أنه عمل يبدو في بعضه تواصلا مع عمل سابق وهو “الديمقراطية العصية في الخليج” في بعض جوانبه  وفي امتداداتها الفكرية.  إنه عمل قد أدخلني من جديد في موضوعات بحثية جديدة آمل ان يقدر لي إنجازها.

 

 

الدكتور باقر النجار باحث بحريني وأستاذ علم الاجتماع في جامعة البحرين. صدر له عن دار الساقي أيضا “صراع التعليم والمجتمع في الخليج العربي” وكتاب “الحركات الدينية في الخليج العربي“.